الاثنين، نوفمبر ٢٧، ٢٠٠٦

العقبات


العقبات

الدولة فى أبسط تعريف لها هى شعب وسلطة وثروة وقوة تتفاعل فيما بينها وطبقا لنظام متفق عليه بهدف تحقيق مصالح الدولة , وتختلف الأنظمة التى تتبعها الدول فى إدارة ذلك التفاعل وبلوغ تلك المصالح تبعا لثقافة وطبيعة وإمكانيات المجتمع الذى تديره , ويلزم ذلك النظام كل فئة من الفئات بواجبات محددة ويمنحها فى مقابلها حقوقا على باقى الفئات تمكنها من أداء واجباتها .
فللشعب حق وعليه واجب , ولمن يعتلون السلطة حق وعليهم واجب , ولمن يملكون الثروة ويديرونها حق وعليهم واجب , ولمن يمسكون بالقوة حق وعليهم واجب , فإذا قام كل بواجبه وحصل على حقه كاملا تتحقق مصالح الأمة .
وبناء على ذلك وتبعا لثقافتنا وطبيعتنا وإمكاناتنا كان الإسلام هو النظام الأنسب لإدارة حياتنا وتحقيق مصالحنا , وعندما نظرنا إلى واقع حياتنا وجدنا أن النظام الإسلامي يسيطر عليه بالكامل إلا فى أربعة أمور رئيسية يتعلق كل واحد منها بفئة من الفئات الأربع الرئيسية المكونة للدولة , وكأنها اجتمعت جميعا واتفقت على أن يتهرب كل منها من أداء أحد واجباته الرئيسية فى مقابل سكوته على تهرب الآخرين كل من الواجب الذى يختاره , مما أدى إلى اختلال منظومة الحقوق القائمة على تلك الواجبات , فضيع كل منهم من حقوقه ما كان يستحقه إن قام بواجباته , وفى خلال ذلك كله وبسببه ضاعت المصالح العليا للأمة وتشتت قواها وفشلت فى بلوغ أي من أهدافها العليا أو الدنيا .
وهذه الأمور الأربعة الرئيسية والتى يتعلق كل منها بواحدة من الفئات الرئيسية المكونة للدولة هى الحدود وسلطات الحاكم ونظام الفائدة والجهاد .
فقد أراد الشعب قانونا وضعيا للعقوبات بدلا من الحدود يسمح بما تمنعه ويحلل ما تحرمه ويخفف العقوبة إلى حد التلاشى فيما لا فكاك من تجريمه والعقاب عليه , وذلك بغية التمتع بالملذات المحرمة التى يمنعها الإسلام , وقد قبلت باقى القوى الرئيسية بالمجتمع ذلك ودعمته ليكون لها المبرر هى الأخرى فى التهرب من أداء واجبها .
وبهذا تهرب أهل السلطة من الأخذ بمبدأ الشورى كنظام للحكم وحق للأمة على قادتها , فصارت سلطاتهم مطلقة يحكمون بما يرون ولا معقب لحكمهم ويفعلون ما يريدون ولا يسألون عن فعلهم .
وبهذا تهرب من يملكون الثروة ويديرونها من القيود التى فرضها النظام الإسلامي عل تحركاتهم وفرضوا على النظام الاقتصادي نظرية الفائدة وهى ما يمثل الربا فى التشريع الإسلامي ليضمنوا بذلك تكاثر أموالهم وزيادة ثرواتهم ولو كانوا نائمين بلا عمل .
وبهذا تهرب من يمثلون القوة الحامية للأمن والشرعية بالمجتمع من الجهاد كمنهج إسلامي يجب أن يحكم تحركاتهم ورضوا بالرضوخ لأهوائهم وأهواء من يحكمونهم بغية التنصل من الواجب والهروب من المخاطرة والتمتع بما يتمتع به مجتمعهم .
ولأن التطبيق الإسلامي لا يصح ولا يؤتي ثماره بدون أحد أركانه الرئيسية , فلابد لنا من مناقشة هذه الأمور بإيجاز لإثبات مكاسب اعتماد البديل الإسلامي .